كيفية التعامل مع حرارة الأطفال

كيفية التعامل مع حرارة الأطفال: دليل شامل وطويل

ارتفاع درجة حرارة الأطفال من الحالات الصحية الشائعة التي تواجه الأهل يومياً، وتعد واحدة من العلامات الدالة على وجود حالة مرضية في الجسم، غالباً ما تكون نتيجة لعدوى فيروسية أو بكتيرية. إن ارتفاع الحرارة عند الأطفال يمكن أن يثير القلق بسبب تأثيره المباشر على حالة الطفل الصحية، وقدرته على ممارسة نشاطاته اليومية بشكل طبيعي. لذلك، يتطلب التعامل معها فهماً دقيقاً لأسبابها، طرق قياسها، وأفضل السبل للتعامل معها طبياً ومنزلياً للحفاظ على سلامة الطفل.

مفهوم حرارة الجسم ودرجة الحرارة الطبيعية عند الأطفال

درجة حرارة الجسم الطبيعية تختلف قليلاً بين الأطفال والبالغين، حيث تتراوح عادة بين 36.5 و37.5 درجة مئوية. أما عند الأطفال، فإن الجسم قد يظهر ارتفاعاً في الحرارة عندما تصل درجة الحرارة إلى 38 درجة مئوية أو أكثر، ويعتبر هذا مؤشراً على وجود استجابة مناعية لمحاربة عدوى أو التهاب في الجسم.

يرجع سبب ارتفاع الحرارة إلى تفعيل مركز تنظيم الحرارة في الدماغ، وهو ما يؤدي إلى زيادة إنتاج الحرارة أو تقليل فقدانها عن طريق الجلد. هذه العملية تعد جزءاً من الدفاع الطبيعي للجسم ضد العوامل الممرضة.

أسباب ارتفاع حرارة الأطفال

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأطفال، ويمكن تصنيفها إلى عدة مجموعات رئيسية:

• العدوى الفيروسية: مثل نزلات البرد، الإنفلونزا، والتهابات الجهاز التنفسي العلوي.

• العدوى البكتيرية: كالتهاب الأذن الوسطى، التهاب الحلق، والتهابات المسالك البولية.

• التطعيمات: أحياناً يسبب التطعيم ارتفاعاً مؤقتاً في حرارة الطفل.

• الإصابات والالتهابات: في حالات الالتهاب أو الإصابة بجروح.

• أسباب أخرى: مثل التسنين، التعرض لحرارة مرتفعة في البيئة المحيطة، أو رد فعل تحسسي.

كيفية قياس حرارة الطفل بدقة

القياس الدقيق لدرجة حرارة الطفل هو الخطوة الأولى في التعامل مع الحرارة. الطرق المعتمدة تشمل:

• الميزان الرقمي (الترمومتر الرقمي): الأكثر دقة وسهولة في الاستخدام، ويستخدم عادة لقياس الحرارة تحت الإبط أو في الفم عند الأطفال الأكبر سناً.

• الميزان الإلكتروني للأذن: مناسب للأطفال الأكبر من 6 أشهر، ويعطي قراءة سريعة.

• الميزان الشريطي: أقل دقة ولا يُنصح بالاعتماد عليه.

• الميزان المستقيم (الشرجي): الطريقة الأكثر دقة خاصة للأطفال الرضع، لكنها تحتاج إلى الحذر أثناء الاستخدام.

خطوات التعامل مع حرارة الأطفال

1. التقييم الأولي للحالة الصحية:
   يجب مراقبة الطفل جيداً مع قياس درجة الحرارة وتسجيلها. إذا كانت الحرارة أقل من 38.5 درجة مئوية مع عدم وجود أعراض خطيرة، يمكن التعامل معها منزلياً مع مراقبة مستمرة.

2. توفير بيئة مناسبة:
   المحافظة على درجة حرارة الغرفة معتدلة، وتهويتها جيداً، وارتداء الطفل ملابس خفيفة تساعد على تبريد الجسم.

3. الترطيب المستمر:
   ارتفاع الحرارة يسبب فقدان السوائل من الجسم، لذا يجب تقديم كميات كافية من الماء، العصائر الطبيعية، أو محلول الإماهة الفموي للأطفال الصغار.

4. تخفيف الحرارة بالأدوية المناسبة:
   استخدام الأدوية الخافضة للحرارة مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين بجرعات مناسبة لعمر ووزن الطفل، مع الحرص على عدم تجاوز الجرعة الموصى بها. ويجب استشارة الطبيب قبل إعطاء أي دواء.

5. الكمادات المبللة:
   وضع كمادات ماء فاتر على جبين الطفل، أو استخدام منشفة مبللة على الجسم يساعد في تقليل درجة الحرارة بطريقة طبيعية.

6. تجنب التغطية الزائدة:
   تفادي تغطية الطفل بالملابس الثقيلة أو البطانيات التي قد تحبس الحرارة.

7. المراقبة المستمرة للأعراض:
   الانتباه لأي أعراض مصاحبة مثل صعوبة في التنفس، القيء المستمر، النوبات، الارتباك، أو تغير في سلوك الطفل.

متى يجب استشارة الطبيب فوراً

توجد حالات تستدعي استشارة طبية عاجلة، وهي:

• ارتفاع درجة الحرارة فوق 39 درجة مئوية لفترة طويلة.

• حرارة مستمرة تزيد عن 48 ساعة دون تحسن.

• ظهور علامات جفاف حاد مثل جفاف الفم، قلة التبول، أو فقدان الوعي.

• وجود صعوبة في التنفس أو شحوب الجلد.

• نوبات أو رعشة.

• أعراض غير معتادة مثل طفح جلدي أو تورم.

العناية الطبية والعلاج في المستشفى

في بعض الحالات، قد يحتاج الطفل إلى تقييم طبي دقيق وعلاج في المستشفى خصوصاً إذا كان سبب الحمى غير واضح أو مصحوباً بأعراض شديدة. الفحوصات تشمل تحليل الدم، البول، أو صور الأشعة لتحديد مصدر العدوى.

العلاج يختلف حسب السبب، وقد يتطلب أحياناً مضادات حيوية إذا كانت العدوى بكتيرية، أو علاج داعم مثل السوائل الوريدية.

الوقاية من ارتفاع حرارة الأطفال

الوقاية تبقى دائماً أفضل من العلاج، وتشمل:

• الحرص على النظافة الشخصية وتعقيم اليدين.

• متابعة التطعيمات الدورية.

• تجنب التعرض للمرضى المصابين بعدوى.

• توفير بيئة صحية مناسبة مع تهوية جيدة.

• تغذية الطفل بشكل صحي لتعزيز المناعة.

الجدول التالي يوضح طرق قياس حرارة الجسم وأدواتها بدقة:

الخلاصة

ارتفاع حرارة الأطفال هو استجابة طبيعية للجسم ضد العدوى، ولكنه قد يمثل حالة مقلقة إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. معرفة الأسباب، طرق القياس الدقيقة، والإجراءات المناسبة للتعامل مع الحرارة تعتبر خطوات أساسية للحفاظ على صحة الطفل وسلامته. تتطلب الحالة المراقبة المستمرة والتدخل الطبي عند ظهور علامات خطيرة، مع أهمية الوقاية من خلال النظافة والتطعيمات المنتظمة. التعامل العلمي والمنهجي مع حرارة الأطفال يضمن تخفيف معاناتهم وتقليل المضاعفات المحتملة.

المراجع

• كتاب “طب الأطفال”، تأليف مجموعة من الأطباء، دار النهضة العربية.

• منظمة الصحة العالمية WHO، دليل إدارة الحمى عند الأطفال، 2023.